فقير مات أبوه وهو لا يزال
صغيراً، وكافحت أمَه كثيراً في الحياة كي تتمكن من تعليمه التعليم اللازم،
وبالأخص لكي تتمكن من إدخاله الكلية، ولما جاء يوم تخرّجه، كتب إلى أمّه
يرجوها أن تحضر الاحتفال، لكنّها أجابته أنها لا تستطيع الحضور لأن ملابسها
كانت قديمة جداً ولا تصلح للحفلات، ولم يكن لديها مال لشراء ملابس جديدة.
لكن الابن ظلَّ يُلحّ ويتوسل حتى اضطرّت الأم أن تقبل التماسه وتُرضي
خاطره، فجاءت في أحسن ثياب عندها، وكانت فعلاً قديمة وبالية. جرى الاحتفال
في كنيسة غنيّة جداً، ولما وُزعت الجوائز نال ابنها أعظم درجات الشرف. وكان
الولد قد أخذها إلى الكنيسة وأجلسها على مقعد مُريح، ثم عاد هو إلى مكانه
مع رفاقه على المنبر. بكت الأرملة عندما قام ابنها ليتقّبل الجائزة التي
كانت عبارة عن ميدالية ذهبية شبكها رئيس الكلية بدبّوس في سترته، وأعلن
سروره العظيم لتفوّق ذلك الطالب القرويّ الفقير في الدراسة. وحالما انتهى
الرئيس من كلامه سار الطالب ببطء ونزل درجات المنبر ووصل إلى المقاعد إلى
حيث تجلس أمّه وشبك الميدالية على صدر فستان أمّه الأسود الباهت، وامتلأت
عيناه أيضاً بالدموع وهو ينحني ويُقبِّل وجهها، وقد همس في أذنها قائلاً:
"هنا مكان الميدالية". ثمّ عاد إلى مكانه.
اذكرونا فى صلواتكم
اذكرونا فى صلواتكم